بسم الله الرحمن الرحيم..اظن انه نادرا ما تجد شخصا في الوسط الادبي يجهل باولو كويلهو..في هذا الموضوع انا انشر مقالة له كتبها وقرأتها واعجبتني واحببت ان تشاركوني فيها فقمت بترجمتها ..وبما اني غير محترف فعذرا لاي اخطاء تجدوها واود بالطبع لو استطاع احدكم ان يساعدني بالنقد ..
لنبدأ سويا
اهداء للعزيزة هاجر التي لا تحب القراءة بالانجليزية.. ..
------------------------------------------------------

ماهو رد فعل البشر للتغيير؟

سيء ,دائما سيئ للغايه.واحدة من اكثر الاساطير انتشارا في العالم -اسطورة مصاص الدماء- تعكس هذه الفكره.
ماهو مصاص الدماء؟ هو شخص في لحظة ما من حياته يتحول لخالد .بكلمات ابسط ,بعد تلك اللحظه لن يتبع جسده المسار الطبيعي للنمو,سيصبح شابا للابد وسيستطيع العيش للفترة التي يريدها بدون ان يضطر للتعامل مع المشاكل التي يسببها الهرم.

الدماء هي ما كل ما يحتاجه من طعام ..القليل منها كل يوم,وكل ما يهمه في العناية ببشرته هو ان لا يتعرض لضوء الشمس,ولكن رغم كل شيء فهذا ثمن قليل جدا لكي تستمتع بكل امكانيات الحياة الابديه؟

باستثناء شيء واحد: مصاصو الدماء يتوقفون في الزمن,بينما العالم من حولهم يستمر في التغيير.كل شيء اعتادو عليه بدأ في التغيير ,ورغم انهم يمتلكون كل الوقت الذي يريدونه للتأقلم على هذه التغيرات ,فان رغبتهم في الخلود كانت بالتحديد لانهم كانوا سعداء في عالمهم الذين كانوا يعيشون فيه.هم ليسوا مهتمين بمواكبة هذه التغيرات.

دعونا نتخيل انسان يتحول لمصاص دماء في نفس الوقت الذي دارت فيه نهائيات كأس العالم عام 1986 .هو يستطيع التدخين في الطائرات,لا يعاني من التشتت حول ماهية القناة التي سيشاهدها في التلفاز -فالاختيارات محدوده.

كانت لديه ممثله كرمز للاغراء,يفهم كل شيء عن الكاربيريتيرات الخاصه بالسيارات ويحارب من اجل مثله الاشتراكيه,مقتنعا بان الاتحاد السوفييتي قريبا ما سيكون لديه حكام اكثر قدرة وقوة وان مطالب وحقوق الجماهير (يسميهم البروليتاريا) ستحترم اخيرا .

وفي يوم رائع سيقع في حب دارسة لعلم الاجتماع عمرها 22 عاما.يعجب بجمالها,حماسها,مثاليتها.يقترح عليها ان يحولها لمصاصة دماء,ولكنها ترفض-فقد رأت العديد من افلام الرعب.هي تحبه ايضا ولا تريد ان تخسره,ولكنها تضع شرطا واحدا للمضي في علاقتهم: عليه الا يمتص ابدا دمائها.لا يملك مصاص الدماء اي خيار اخر سوى ان يحترم كلمته.ويتزوجان زواجا مدنيا بعيدا عن الرموز الدينيه التي تؤذيه.

وتمر عشرون عام -في الواقع تطير,لان اربعة كئوس عالم اخرى قد حدثت.طالبة الجامعه السابقة قد اصبحت في الثانيه والاربعين من عمرها,تعمل في بنك (بسبب عدم وجود وظيفة تناسب مؤهلها) او تكتب رسائل دكتوراة لا فائدة منها .فقط لتبرر حياتها التي امضتها في الدراسه.

اختفت الكاربيتيرات من على وجه الارض.في رعب يبحث يقلب بين المجلات ويرى رمز اغراءه القديم تحول الى هجين من اللاستيك ,البوتوكس والسيليكون,وجهها مغطى باطنان من مواد التجميل.يشعر بالذنب لوجود 200 قناة تليفزيونيه ومشاهدته فقط لنفس القناة التي يشاهدها منذ فترة طويله.

انهار الاتحاد السوفييتي.اضطر لترك سجائره المحببه (على الرغم من انها لاتؤثر في صحته,لا تنس ان مصاصي الدماء خالدون),لان التدخين صار مستحيلا,اما بسبب القوانين او بسبب النظرة التي يرمقه بها الناس بها في المطاعم.والاسوأ من هذا كله :الكل يتحدث عن الدردشه ,الانترنت, الاي بود و كل ذلك.

مصاص الدماء يحاول ان يواكب العصر.ولكن كل شيء يبدو معقدا تماما,منفر و غير منطقي.ينظر الى الحاسب وكانه ينظر الى حزمة من الثوم -بمزيج من الرهبة والعجز.لن يكون قادرا ابدا على تشغيل احد هذه الاجهزه,على الرغم من محاولته عدة مرات.

اصدقائه تقاعدوا ,صاروا يمضون حياتهم في لعب الاوراق-هم ايضا لا يجيدون التعامل مع الحاسبات ,ولكنهم لا يمانعون,المجموعه كبرت سويا ولهم نفس الاهتمامات ويتبادلون الخبرات.

مصاص الدماء يظل شابا.خالدا.والآن يواجه الاكتئاب الابدي.يحاول الانتحار,يخرج لضوء الشمس ويحاول النظر الى الصلبان ,فقط ليكتشف ان كل هذا مجرد اساطير ابتدعتها الكنيسه وانها لا تؤذيه على الاطلاق.

يبقى له عزاءا واحدا:مازال هنالك رمز سياسي يعلم عنه كل شيء (لان كل الحكام الاخرون حول العالم تغيروا).
ولكن فيديل كاسترو سيرحل ايضا .حينها لن يتبقى شيء,ابدا من العالم الذي احبه مصاص الدماء يوما ما.